بداية أقول أن هناك كثير من الأمور التي تتشابه فيها آرائنا ولكن كل ما نراه في بلدنا مصر هو إثارة الاختلافات فقط دون تثبيت الأمور الأساسية التي نتفق عليها وتقويتها وأشير إلى أن أمور الخلاف هي ما تحدث الفجوات والخلل في نظام حياتنا في بلدنا ونرى هذه الاختلافات على مسمع ومرأى مننا جميعا عن طريق ما يتحدث عنه الإعلاميون والسياسيون ولا يتحدثون إلا في الأمور التي تمزقنا وتفرقنا – الأمور التي تجعلنا مختلفين دائما عن بعضنا البعض وإثارة الجدل حول الأمور التافهة التي لا تهدف إلى تطوير أو إصلاح وذلك لإشغال عقول البسطاء بما هو غير نافع وهكذا تعمل الطبقة الحاكمة في أي مجتمع .. يحاولون أن يفرقوا بين طبقات الشعب وخاصة ما يبقون الطبقات الوسطى والفقيرة في تصادم دائم ليتمكنوا هم والأغنياء الاستئثار بالأموال ليصلوا للثراء كما يريدون وأقصد الثراء الفاحش على أكتاف البسطاء وصادف لهذه الطريقة البسيطة أن تعمل بنجاح وظهرت أثارها بالفعل على طبقات الشعب وما يعانونه من فقد تلك الثروات وهم يركزون علي أي شيء يجعلنا نتفرق نظرية ( فرق تسد ) كتفرقة الأحزاب الدينية وإشاعة الفتن بينها كما نرى الآن على الساحة وإثارة الفتن الطائفية بين المسلمين والمسيحيين ، الخلفية القومية ، الوظائف ، الدخل المادي ، التعليم ، الصحة ، المستوي الاجتماعي والتوجه الجنسي .. كل ذلك وأمور أخرى مثارة على الساحة والكل مشغول بها وذلك ليستمر التصادم بين الشعب وطوائفه حتى يمكنهم الاستمرار في إيداع ما يقدرون الحصول عليه من الأموال في البنوك وكما نعلم أنها خارج مصر لكي لا تستفيد مصر وأصف الطبقات الاقتصادية والاجتماعية في بلدنا كالأتي :
- الطبقة العليا هي طبقة الأغنياء ويحصلون علي جميع التسهيلات في كل سيء مع عدم محاسبتهم ضريبيا .
- الطبقة الوسطى تدفع كل الضرائب وتتحمل كل أعباء العمل .
- الطبقات الفقيرة وجدت فقط ليُعْتبر بها من لا يَعْتبر من الطبقة الوسطي ليظلوا مواظبين علي تلك الوظائف ويستمر العمل كأنهم يقولون بلسان الحال نحن أحسن من غيرنا ويبقي الصبر هو الأمل الوحيد في الحياة لهم .
ويختبئ رجال السياسة وراء ثلاثة أمور وهي العلم ، الدين والطفل ( الصحة والتعليم ) .. وهناك سبب كون التعليم فاشلا وهو نفس السبب الذي يمنع نظام التعليم من التحسن على الإطلاق لذلك علينا ألا نأمل في ذلك التحسن وان نقبل ما لدينا ونعيش في أسعد حال قدر الإمكان مع تطوير أنفسنا بأنفسنا دون انتظار تلك التسهيلات لسبب بسيط وهو أن أصحاب أو ملاك البلد لا يريدون لنا ذلك ، وأتكلم عن الملاك الحقيقيين في بلدنا .. الكبار .. الأغنياء .. أصحاب الشركات الضخمة والعملاقة والتي تتحكم في كل شيء وتقوم باتخاذ كل القرارات المهمة .
وعلينا أن ننسي أمر السياسيين فلا علاقة لهم بشيء ( إلا أصحاب المصالح منهم أيضا ) لقد وُجِدوا لإقناعنا أن لدينا حرية الاختيار بينما لا نملك ذلك .
وعلينا أن نعلم أننا لا نملك أي اختيار لان هناك من يملكنا ويملكون كل شيء ، وأقول توضيحا لذلك هم يملكون كل الأراضي وما زالوا يشترونها بالرخيص الزهيد ويملكون جميع الموارد الأساسية ويسيطرون علي كل الشركات الضخمة ومنذ مدة طويلة اشتروا ودفعوا للسياسيين الكثير والكثير ووضعوا القضاة في جيوبهم وتملكوا كل وسائل الإعلام الكبرى والقنوات التليفزيونية الشهيرة والكبيرة لذا فهم يتحكمون تقريبا بكل الأخبار والمعلومات التي تصل إلينا لذا فهم يُطْبقون علينا بيد من حديد ، ومن الممكن أن ينفقوا الملايين على أهدافهم الخاصة ليحصلوا علي مقصودهم ومرادهم .
ولكن علينا أن نفكر في أوضاعنا ولما هي كذلك ولماذا لا نرى أي تحسين وتطوير وذلك من فترة كبيرة نرى الأسوأ والأسوأ .. ذلك علينا أن نفكر تفكيرا تحليليا لما نحن فيه لنعلم أين نقف بين الأمم ومدى قوتنا البشرية والمادية .
ولكننا نعرف ما يريدون .. هم يريدون المزيد لأنفسهم من الثروات ولنا ما سواهم .
لكن أقول بألسنتهم هم لا يريدون شعبا به مواطنين عندهم ملكة التحليلي النقدي والموضوعي هم لا يريدون شعبا متعلما متطلعا قادرا علي التفكير السليم لان هذا لن يساعدهم أبدا لأنه ضد مصالحهم ( اللي يفهم في البلد دي وعامل فيها ناصح بيودوه ورا الشمس ) لأنها مصالح شخصية لا تقوم علي أساس سليم ألا وهو النهوض بمصر للارتقاء .
إنهم يريدون عمالة مطيعة فقط أناس لا يملكون من العقل إلا ما يمكنهم من تشغيل الآلات والماكينات والقيام بالواجبات المكتبية ولا يملكون سوي بلادة الفكر التي تخضعهم لقبول أوضاع وظيفية أسوأ وأجور أقل وساعات أطول وبدلات رديئة وحرمان من أجر الساعات الإضافية وقد رأيت قديما فيلم لممثل أجنبي ( توم هانكس ) وكان في الفيلم موظف إداري في أحد المصالح وقد مثل دوره ببراعة كأنه آلة تعمل كل يوم ولكن مقدار التعب والتعاسة والفقر يظهر في ملامحه وملابسه وقد حاول الانتحار كثيرا للهروب من الذل المعيشي الذي هو فيه .. لن أطيل المقصود أنه حين تريد أن تملك شخصا دون أن يهرب منك أو يغير اتجاهاته نحوك إلا أن يضطر أن ينهي حياته للخلاص .. فعليك أن تملك قوت يومه وهو أسلوب من ضمن أساليب أخرى سأذكرها لاحقا .
إن من أعظم أشكال السلطة والتحكم هي عندما تعتقد أنك حر طليق تفعل ما تشاء في حين أن هناك من يتلاعب بك بشكل جذري ويملي عليك الأوامر وتفعل ما يريد .
وأشبه ذلك بأن تكون في زنزانة مثلا ويمكنك أن ترى القضبان بعينيك وتمسك بها ولكن الشكل الذي أقصده فهو الجلوس في هذه الزنزانة ولكنك لا ترى القضبان فتعتقد انك حر طليق وأنت غير قادر علي التحرك بحرية وفعل ما تريد .
إنها دكتاتورية مطلقة وإن ما نعاني منه جميعا هو التنويم المغناطيسي .. إننا نتعرض للتنويم المغناطيسي من قبل أشخاص ( لا داعي لذكر أسماءهم فهم معروفين ) منهم أصحاب النفوذ والشركات الضخمة والسياسيين ، وأصحاب القنوات الفضائية ومنهم مقدمي البرامج ، وأساتذة الجامعات ولست أقصد الكل ولكن بعض منهم وغيرهم كثير وذلك لترويج أفكارهم الخاصة التي تهدف لمصلحتهم الشخصية المطلقة . ( شاهدوا مسرحية كارمن لمحمد صبحي الجزء الأخير بعد قتل كارمن وكيف هو يشرح معنى الدكتاتورية ).
وأقول إذا أردت السيطرة علي شعب فبثلاث ( الجنس والمخدرات والعنف ) وهذا ما يجري بيننا الآن فمعظم القنوات مثلا لا تثير إلا الفتن والجنس وذرع الفكر التافه بين الناس وكما نرى في أفلامنا وما تصوره تلك الأفلام لحضارة بلدنا هي من أبشع الصور لتكون خلفية لغيرنا من الأمم عن الشعب المصري وكيف هي شخصياتهم عوضاً عن أن ما نراه من أفلام أجنبيه مثلا هو كل التطور والرقي والفكر والإبداع وأصبح كل اهتماماتنا تلك التفاهات وبدافع التفريح عن الشعب وإفراغ شحنة الكبت الداخلي لهم ليعبروا عن أنفسهم كما نرى ونظل في ذلك التخدير إلى ما شاء الله وننساق وراء ما يريدون ولا تتحول أنظارنا إليهم .
إننا في بلد مدار من قبل أشخاص يعلمون جيدا ما يصنعون ولكن أقول هم مرضى القلوب والعقول بشكل كبير لأنهم ليسوا بأسوياء وأصف هؤلاء بمعدومي الإنسانية فقلوبهم أشد قسوة من الحجارة .. ليتمتعوا بآلام الشعب ومعاناته وتعلوا هاماتهم على جثث الضعفاء والفقراء .
إن الفجوة بين ما يُصور لنا وما يجري فعلياً في غاية العمق ولست أرى الكثير يعلمون بتلك الفجوة فالكل حسب اعتقاداته فكر خاص ووجهة نظر شخصية .
وكما قال رينيه ديكارت " أنا أشك إذا أنا أفكر ، أنا أفكر إذا أنا موجود "
أقول أنا أيضا : " أنا لست شريكا معهم .. أنا لي عقل .. إذا أنا موجود "
ملخص لأفكار غربية بتصريف وقلم : محمد إسماعيل